إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها وَلَهُ كُلُّ شَيْءٍ وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَا الْقُرْآنَ فَمَنِ اهْتَدى فَإِنَّما يَهْتَدِي لِنَفْسِهِ وَمَنْ ضَلَّ فَقُلْ إِنَّما أَنَا مِنَ الْمُنْذِرِينَ (92) وَقُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ سَيُرِيكُمْ آياتِهِ فَتَعْرِفُونَها وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (93)
البلد: هى مكة، أتلو القرآن: أي أواظب على تلاوته، من المنذرين: أي المخوفين قومهم من عذاب الله.
بعد أن بين سبحانه أحوال المبدإ والمعاد، وفصّل أحوال القيامة- أمر رسوله أن يقول لهؤلاء المشركين هذه المقالة تنبيها لهم إلى أنه قد تمّ أمر الدعوة بما لا مزيد عليه، ولم يبق له بعد ذلك شأن سوى الاشتغال بعبادة الله والاستغراق فى مراقبته، غير مبال بهم ضلّوا أو رشدوا، صلحوا أو فسدوا، إثارة لهممهم بألطف وجه إلى تدارك أحوالهم وتحصيل ما ينفعهم، والتدبر فيما يقرع أسماعهم من باهر الآيات التي تكفى فى إرشادهم، وتشفى عللهم وأمراضهم.
(إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هذِهِ الْبَلْدَةِ الَّذِي حَرَّمَها) أي قل لهم أيها الرسول إنما أمرت أن أعبد رب مكة التي حرم على خلقه أن يسفكوا فيها دما حراما أو يظلموا فيها أحدا. وخصها بالذكر لأنى أول بيت للعبادة كان فيها- دون الأوثان التي تعبدونها كما قال: «فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ. الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ» .