والدواب التي فى الأرض ربهم الذي هو من فوقهم بالقوة والقهر- أن يعذبهم إن عصوه، ويفعلون ما أمرهم به، فيؤدون حقوقه ويجتنبون سخطه.
ونحو الآية قوله: «وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ» ومجمل القول- إنه تعالى نبه إلى أنه لعظمته وكبريائه، تدين له المخلوقات بأسرها، جمادها ونباتها وحيوانها ومكلفوها من الإنس والجن والملائكة.
وَقالَ اللَّهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ (51) وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَتَّقُونَ (52) وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْئَرُونَ (53) ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ (54) لِيَكْفُرُوا بِما آتَيْناهُمْ فَتَمَتَّعُوا فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (55)
الرهبة: الخوف، والدين: الطاعة، والواصب: الدائم كما قال: «لَهُمْ عَذابٌ واصِبٌ» وتجأرون: أي تتضرعون لكشفه. وأصل الجؤار: صياح الوحش ثم استعمل فى رفع الصوت بالدعاء والاستغاثة.
لما بين سبحانه فى الآيات السالفة أن كل ما سواه من جماد وحيوان وإنس وجن وملك- منقاد به وخاضع لسلطانه- أتبع ذلك بالنهى عن الشرك به، وبين أن كل ما سواه فهو ملكه، وأنه مصدر النعم كلها، وأن الإنسان يتضرع إليه إذا مسه