إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم} قوله عز وجل: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَءَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ ... } الآية. {إِذْ} ها هنا بمعنى (إذا) كما قال أبو النجم:

(ثم جزاك الله عني إذ جزى ... جنات عدن في السموات العلا)

يعني إذا جزى , فأقام الماضي مقام المستقبل وهذا جائز في اللغة كما قال تعالى: {وَنَادَى أَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابَ النَّارِ} [الأعراف: 44]. واختلف أهل التأويل في معنى هذا السؤال وليس باستفهام وإن خرج مخرج الاستفهام على قولين: أحدهما: أنه تعالى سأله عن ذلك توبيخاً لمن ادعى ذلك عليه , ليكون إنكاره بعد السؤال أبلغ فى التكذيب وأشد فى التوبيخ والتقريع. والثاني: أنه قصد بهذا السؤال تعريفه أن قومه غُيِّرُوا بعده وادعوا عليه ما لم يقله. فإن قيل: فالنصارى لم تتخذ مريم إلهاً , فكيف قال تعالى فيهم ذلك؟ قيل: لما كان من قولهم أنها لم تلد بشراً وإنما ولدت إِلَهاً لزمهم أن يقولوا إنها لأجل البعضي بمثابة من ولدته , فصاروا حين لزمهم ذلك كالقائلين له. وفي زمان هذا السؤال قولان: أحدهما: أن الله تعالى قال ذلك لعيسى حين رفعه إليه في الدنيا , قاله السدي وميسرة. والثاني: أن الله تعالى يقول له ذلك يوم القيامة , قاله ابن جريج وقتادة وهو أصح القولين. {قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقِّ} أي أدعي لنفسي ما ليس من شأنها , يعني أنني مربوب ولست برب , وعابد ولست بمعبود.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015