الشكر على ما أنعمت به علينا من إجابتك , وقيل: أرزقنا ذلك من عندك. قوله تعالى: {قَالَ اللَّهُ إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ} وهذا وعد من الله تعالى أجاب به سؤال عيسى كما كان سؤال عيسى إجابة للحواريين. واختلفوا في نزول المائدة على ثلاثة أقاويل. أحدها: أنه مثل ضربه الله تعالى لخلقه , ينهاهم به عن مسألة الآيات لأنبيائه , قاله مجاهد. والثاني: أنهم سألوا ووعدهم بالإِجابة , فلما قال لهم: {فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ} استعفوا منها فلم تنزل عليهم , قاله الحسن. والثالث: أنهم سألوا فأجابهم , ولم يستعفوا , لأنه ما حكى الاستعفاء عنهم , ثم أنزلها عليهم , لأنه قد وعدهم , ولا يجوز أن يخلف وعده. ومن قال بهذا اختلفوا في الذي كان عليها حين نزلت على ستة أقاويل: أحدها: أنه كان عليها ثمار الجنة , قاله قتادة. والثاني: أنه كان عيها خبز ولحم , قاله عمار بن ياسر. والثالث: أنه كان عليها سبعة أرغفة , قاله إسحاق بن عبد الله. والرابع: كان عليها سمكة فيها طعم كل الطعام , قاله عطاء , وعطية. والخامس: كان عليها كل طعام إلا اللحم , قاله ميسرة. والسادس: رغيفان وحوتان , أكلو منها أربعين يوماً في سفرة , وكانوا ومن معهم نحو خمسة آلاف , قاله جويبر. وأُمِرُوا أن يأكلوا منها ولا يخونوا ولا يدخروا , فخانوا وادخروا فَرُفِعَتْ. وفي قوله تعالى: { ... عَذَاباً لاَّأُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ} قولان: أحدهما: يعني من عالمي زمانهم.