{وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ} يعني وصيد ما علمتم من الجوارح , وهي الكواسب من سباع البهائم والطير , سميت جوارح لكسب أهلها بها من قولهم: فلان جارحة أهله أي كاسبهم , ومنه قول أعشى بني ثعلبة:

(ذا جبار منضجاً ميسمه ... يذكر الجارح ما كان اجترح)

أي ما اكتسب. وفي قوله: {مُكَلِّبِينَ} ثلاثة أقاويل. أحدها: يعني من الكلاب دون غيرها , وأنه لا يحل إلا صيد الكلاب وحدها , وهذا قول ابن عمر , والضحاك , والسدي. والثاني: أن التكليب من صفات الجوارح من كلب وغيره , ومعناه مُضْرِين على الصيد كما تَضْرِي الكلاب , وهو قول ابن عباس , وعلي بن الحسين , والحسن , ومجاهد. والثالث: أن معنى التكليب من صفات الجارح: التعليم. {تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا علَّمَكُمُ اللَّهُ} أى تعلمونهن من طلب الصيد لكم مما علمكم الله من التأديب الذي أدبكم وصفات التعليم التي بيَّن حكمها لكم. فأما صفة التعليم , فهو أن يُشلَى إذا أُشلي , ويجيب إذا دعي ويمسك إذا أخذ. وهل يكون إمساكه عن الأكل شرطاً فى صحة التعليم أم لا؟ على ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه شرط في كل الجوارح , فإن أكلت لم تؤكل , وهذا قول ابن عباس , وعطاء. والثاني: أنه ليس بشرط فى كل الجوارح ويؤكل وإن أكلت , وهذا قول ابن عمر , وسعد بن أبي وقاص , وأبي هريرة , وسلمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015