والقول الثالث: هو الهوى وهو أن يهوى أَمَةً فيجوز أن يتزوجها , إن كان ذا يسار وكان تحته حرة , وهذا قول جابر , وابن مسعود , والشعبي , وربيعة , وعطاء. وأصل الطَوْل الفضل والسعة , لأن المعنى كالطول في أنه ينال به معالي الأمور , ومنه قولهم ليس فيه طائل أي لا ينال به شيء من الفوائد , فكان هو الأصح من تأويلاته. واختلف في إيمان الأمَةِ هل هو شرط في نكاحها عند عدم الطَوْل على قولين: أحدهما: أنه شرط لا يجوز نكاح الأَمَةِ نكاح الأَمَةِ إلا به , وهو قول الشافعي. والثاني: أنه ندب وليس بشرط , فإن تزوج غير المؤمنة جاز , وهو قول أبي حنيفة. قوله تعالى: {مُحْصَنَاتٍ غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} يعني بالمسافحة: المعلنة بالزنى. {وَلاَ مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} هو أن تتخذ المرأة خدناً وصديقاً ولا تزني بغيره , وقد كان أهل الجاهلية يحرمون ما ظهر من الزنى , ويستحلون ما بطن , فأنزل الله تعالى: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ}. {فَإِذَا أُحْصِنَّ} قرأ بفتح الألف حمزة , والكسائي , وأبو بكر عن عاصم , ومعنى ذلك أسلمن , فيكون إحصانها ها هنا إسلامها , وهذا قول ابن مسعود , والشعبي , وروى الزهري قال: جَلَدَ عمر ولائد أبكاراً من ولائد الإمارة في الزنى. وقرأ الباقون بضم الألف , ومعنى ذلك تزوجن , فيكون إحصانها ها هنا تزويجها , وهذا قول ابن عباس , ومجاهد , والحسن. {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} يعني بها ها هنا الزنى. {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ مِنَ الْعَذَابِ} يعني نصف حد الحرة. {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنكُمْ} فيه أربعة تأويلات: أحدها: الزنى , وهو قول ابن عباس , ومجاهد , وسعيد بن جبير , والضحاك , وابن زيد , وبه قال الشافعي. والثاني: أن العنت الإثم. والثالث: أنه الحد الذي يصيبه. والرابع: هو الضرر الشديد في دين أو دنيا. وهو نحو قوله تعالى: {وَدُّواْ مَا عَنِتُّمْ} [آل عمران: 118]. {وَأَن تَصْبِرُواْ خَيْرُ لَّكُمْ} يعني الصبر عن نكاح الأمَةِ لئلا يكون ولده عبداً.