{وَلَو كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} الفظ: الجافي , والغليظ القلب: القاسي , وجمع بين الصفتين , وإن كان معناهما واحداً للتأكيد. {فَاعْفُ عَنهُم وَاسْتَغْفِرْ لَهُم وَشَاوِرْهُم فِي الأمْرِ} وفي أمره بالمشاورة أربعة أقاويل: أحدها: أنه أمره بمشاورتهم في الحرب ليستقر له الرأي الصحيح فيه , قال الحسن: ما شاور قوم قط إلا هُدُوا لأرشد أمورهم. والثاني: أنه أمره بِمشاورتهم تأليفاً لهم وتطيباً لأنفسهم , وهذا قول قتادة , والربيع. والثالث: أنه أمره بمشاورتهم لِمَا علم فيها من الفضل , ولتتأسى أمته بذلك بعده صلى الله عليه وسلم , وهذا قول الضحاك. والرابع: أنه أمره بمشاورتهم ليستن به المسلمون ويتبعه فيها المؤمنون وإن كان عن مشورتهم غنياً , وهذا قول سفيان. {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ} قرأ ابن كثير , وعاصم , وأبو عمرو بفتح الياء وضم العين , وقرأ الباقون يغل بضم الياء وفتح الغين. ففي تأويل من قرأ بفتح الياء وضم الغين ثلاثة أقاويل: أحدها: أن قطيفة حمراء فقدت يوم بدر , فقال بعض الناس أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم , فانزل الله تعالى هذه الآية , وهذا قول عكرمة , وسعيد بن جبير. والثاني: أنها نزلت في طلائع كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وجههم في وجه , ثم غنم الرسول فلم يقسم للطلائع فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ لنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ} أي يقسم لطائفة من المسلمين ويترك طائفة ويجور في القسم , وهذا قول ابن عباس , والضحاك. والثالث: أن معناه وما كان لنبي أن يكتم الناس ما بعثه الله إليهم لرهبة منه ولا رغبة فيهم , وهذا قول ابن إسحاق. وأما قراءة من قرأ يُغّل بضم الياء وفتح الغين ففيها قولان: أحدهما: يعني وما كان لنبي أن يتهمه أصحابه ويخوَّنوه.