ويحتمل ثامناً: أن المحكم ما كانت معاني أحكامه معقولة , والمتشابه ما كانت معاني أحكامه غير معقولة , كأعداد الصلوات , واختصاص الصيام بشهر رمضان دون شعبان. وإنما جعله محكماً ومتشابهاً استدعاء للنظر من غير اتكال على الخبر , وقد روى معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (القرآن على ثلاثة أجزاء: حلال فاتبعه , وحرام فاجتنبه , ومتشابه يشكل عليك فَكِلْه إلى عالمه). وأما قوله تعالى: {هُنَّ أُمُّ الْكِتَاِب}. ففيه وجهان: أحدهما: أصل الكتاب. والثاني: معلوم الكتاب. وفيه تأويلان: أحدهما: أنه أراد الآي التي فيها الفرائض والحدود , قاله يحيى بن يعمر. والثاني: أنه أراد فواتح السُّوَر التي يستخرج منها القرآن , وهو قول أبي فاختة. ويحتمل ثالثاً: أن يريد به أنه معقول المعاني لأنه يتفرع عنه ما شاركه في معناه , فيصير الأصل لفروعه كالأم لحدوثها عنه , فلذلك سماه أم الكتاب. {فَأََمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ} فيه تأويلان: أحدهما: ميل عن الحق. والثاني: شك , قاله مجاهد. {فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ} فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنه الأجل الذي أرادت اليهود أن تعرفه من الحروف المقطعة من حساب الجُمّل في انقضاء مدة النبي صلى الله عليه وسلم. والثاني: أنه معرفة عواقب القرآن في العلم بورود النسخ قبل وقته.