دون بعض , كما فعل أهل الكتاب , فيلزم التسوية بينهم في التصديق , وفي لزوم التسوية في التزام شرائعهم ما قدمناه من القولين , وجعل هذا حكاية عن قولهم وما تقدمه خبراً عن حالهم ليجمع لهم بين قول وعمل وماض ومستقبل. {وَقَالُوا: سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} أي سمعنا قوله وأطعنا أمره. ويحتمل وجهاً ثانياً: أن يراد بالسماع القبول , وبالطاعة العمل. {غُفْرَانَكَ رَبَّنَا} معناه نسألك غفرانك , فلذلك جاء به منصوباً. {وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ} يعني إلى جزائك. ويحتمل وجهاً ثانياً: يريد به إلى لقائك لتقدم اللقاء على الجزاء. {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا ربنا ولا تحمل علينا إصراً كما حملته على الذين من قبلنا ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فأنصرنا على القوم الكافرين}. قوله عز وجل: {لا يكلف الله نفسا إلا وسعها} يعني طاقتها، وفيه وجهان: أحدهما: وعدٌ من الله ورسوله وللمؤمنين بالتفصل على عباده ألا يكلف نفساً إلا وسعها. والثاني: أنه إخبار من النبي صلى الله عليه وسلم ومن المؤمنين عن الله، على وجه الثناء عليه، بأنه لا يكلف نفساً إلا وسعها. ثم قال: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} يعني لها ما كسبت من الحسنات، وعليها ما اكتسبت يعني من المعاصي. وفي كسبت واكتسبت وجهان: أحدهما: أن لفظهما مختلف ومعناهما واحد. والثاني: أن كسبت مستعمل في الخير خاصة، واكتسبت مستعمل في الشر خاصّة.