لرطوبتها بما تمر عليه , فإذا جفت لم تكن علقة , قال الشاعر:
(تركْناه يخرُّ على يديْه ... يَمُجُّ عليهما عَلَقَ الوتين)
ويحتمل مراده بذلك وجهين: أحدهما: أن يبين قدر نعمته على الإنسان بأن خلقه من علقة مهيئة حتى صار بشراً سوياً وعاقلاً متميزاً. الثاني: أنه كما نقل الإنسان من حال إلى حال حتى استكمل , كذلك نقلك من الجهالة إلى النبوة حتى تستكمل محلها. {اقْرَأ وربُّكَ الأكْرَمُ} أي الكريم. ويحتمل ثانياً: اقرأ بأن ربك هو الأكرم , لأنه لما ذكر ما تقدم من نعمه دل بها على نعمة كرمه. قال إبراهيم بن عيسى اليشكري: من كرمه أن يرزق عبده وهو يعبد غيره. {الذي علّمَ بالقَلَمِ} أي عَلّم الكاتب أن يكتب بالقلم , وسمي قلماً لأنى يقلم أي يقطع , ومنه تقليم الظفر. وروى مجاهد عن ابن عمر قال: خلق الله تعالى أربعة أشياء بيده ثم قال لسائر الخلق: كن , فكان , القلم والعرش وجنة عدن وآدم. وفيمن علمه بالقلم ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه أراد آدم عليه السلام , لأنه أول من كتب , قاله كعب الأحبار. الثاني: إدريس وهو أول من كتب , قاله الضحاك. الثالث: أنه أراد كل من كتب بالقلم لأنه ما علم إلا بتعليم الله له , وجمع بذلك بين نعمته تعالى عليه في خلقه وبين نعمته تعالى عليه في تعليمه استكمالاً للنعمة عليه. {علَّمَ الإنسانَ مالم يَعْلَمْ} فيه وجهان: أحدهما: الخط بالقلم , قاله قتادة وابن زيد. الثاني: علمه كل صنعه علمها فتعلم , قاله ابن شجرة. ويحتمل ثالثاً: علمه من حاله في ابتداء خلقه ما يستدل به على خلقه وأن ينقله من بعد على إرادته.