والأنثى , فتكون (من) مضمرة المعنى محذوفة اللفظ , وميزهم بخلقهم من ذكر وأنثى عن الملائكة الذين لم يخلقوا من ذكر وأنثى , ويكون القسم بأهل طاعته من أوليائه وأنبيائه , ويكون قسمه بهم تكرمة لهم وتشريفاً. وفي المراد بالذكر والأنثى قولان: أحدهما: آدم وحواء , حكاه ابن عيسى. الثاني: من كل ذكر وأنثى. فإن حمل على قول الحسن فكل ذكر وأنثى من آدمي وبهيمة , لأن الله خلق جميعهم. وإن حمل على التخريج الذي ذكرت أنه أظهر , فكل ذكر وأنثى من الآدميين دون البهائم لاختصاصهم بولاية الله وطاعته , وهذا قسم ثالث: {إنّ سَعْيَكم لشَتّى} أي مختلف , وفيه وجهان: أحدهما: لمختلف الجزاء , فمنكم مثاب بالجنة , ومنكم معاقب بالنار. الثاني: لمختلف الأفعال , منكم مؤمن وكافر , وبر وفاجر , ومطيع وعاص. ويحتمل ثالثاً: لمختلف الأخلاق , فمنكم راحم وقاس , وحليم وطائش , وجواد وبخيل , وعلى هذا وقع القسم. وروى ابن مسعود أن هذه الآية نزلت في أبي بكر رضي الله عنه , وفي أمية وأبّي ابني خلف حين عذّبا بلالاً على إسلامه , فاشتراه أبو بكر , ووفي ثمنه بردةً وعشر أوراقٍ , وأعتقه للَّه تعالى , فنزل ذلك فيه. {فأمّا من أَعْطَى واتّقَى} قال ابن مسعود يعني أبا بكر. وفي قوله (أعطى) ثلاثة أوجه: أحدها: من بذل ماله , قاله ابن عباس. الثاني: اتقى محارم الله التي نهى عنها , قال قتادة. الثالث: اتقى البخل , قاله مجاهد. {وصَدَّق بالحُسْنَى} فيه سبعة تأويلات: أحدها: بتوحيد الله , وهو قول لا إله إلا الله , قاله الضحاك.