الثالث: أن الجهر ما قد أظهره , وما يخفى ما تركه من الطاعات. {وَنُيَسِّرُكَ لِلْيُسْرَى} فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: نيسرك لأن تعمل خيراً , قاله ابن عباس. الثاني: للجنة , قاله ابن مسعود. الثالث: للدين واليسر وليس بالعسر , قاله الضحاك. {فذكّرْ إن نَّفَعتِ الذِّكْرَى} وفيما يذكر به وجهان: أحدهما: بالقرآن , قاله مجاهد. الثاني: بالله رغبة ورهبة , قاله ابن شجرة. وفي قوله: {إنْ نَفَعَتِ الذّكْرى} وجهان: أحدهما: يعني إن قبلت الذكرى وهو معنى قول يحيى بن سلام. الثاني: يعني ما نفعت الذكرى , فتكون (إنْ) بمعنى ما الشرط , لأن الذكرى نافعة بكل حال , قاله ابن شجرة. {سَيّذَّكَرُ مَن يَخْشى} يعني يخشى الله , وقد يتذكر من يرجوه , إلا أن تذكرة الخاشي أبلغ من تذكرة الراجي فلذلك علقها بالخشية دون الرجاء , وإن تعلقت بالخشية والرجاء. {وَيَتَجَنَّبُها الأشْقَى} يعني يتجنب التذكرة الكافر الذي قد صار بكفره شقياً. {الذي يَصْلَى النّارَ الكُبْرىَ} فيه وجهان: أحدهما: هي نار جهنم , والصغرى نار الدنيا , قاله يحيى بن سلام. الثاني: الكبرى نار الكفار في الطبقة السفلى من جهنم , والصغرى نار المذنبين في الطبقة العليا من جهنم , وهو معنى قول الفراء. {ثم لا يَمُوتُ فيها ولا يَحْيَا} فيه وجهان: أحدهما: لا يموت ولا يجد روح الحياة , ذكره ابن عيسى. الثاني: أنه يعذب لا يستريح ولا ينتفع بالحياة , كما قال الشاعر:
(ألا ما لنفسٍ لا تموتُ فَيَنْقَضِي ... عَناها ولا تحْيا حياةً لها طَعمْ.)