الرابع: صلّ لربك , فعلى هذا في قوله (اسم ربك) ثلاثة أوجه: أحدها: بأمر ربك. الثاني: بذكر ربك أن تفتتح به الصلاة. الثالث: أن تكون ذاكراً لربك بقلبك في نيتك للصلاة. وروي أن عليّاً وابن عباس وابن عمر كانوا إذا افتتحوا قراءة هذه السورة قالوا: (سبحان ربي الأعلى) امتثالاً لأمره تعالى في ابتدائها , فصار الاقتداء بهم في قراءتها , وقيل إنها في قراءة أُبيّ: (سبحان ربي الأعلى) وكان ابن عمر يقرؤها كذلك. {الذي خَلَقَ فَسَوَّى} يحتمل ثلاثة أوجه: أحدها: يعني أنشأ خلقهم ثم سوّاهم فأكملهم. الثاني: خلقهم خلقاً كاملاً وسوّى لكل جارحة مثلاً. الثالث: خلقهم بإنعامه وسوّى بينهم في أحكامه , قال الضحاك: خلق آدم فَسوّى خلقه. ويحتمل رابعاَ: خلق في أصلاب الرجال , وسوّى في أرحام الأمهات. ويحتمل خامساً: خلق الأجساد فسّوى الأفهام. {والذي قَدَّرَ فَهَدَى} فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: قدّر الشقاوة والسعادة , وهداه للرشد والضلالة , قاله مجاهد. الثاني: قدر أرزاقهم وأقواتهم , وهداهم لمعاشهم إن كانوا إنساً , ولمراعيهم إن كانوا وحشاً. الثالث: قدرهم ذكوراً وإناثاً , وهدى الذكر كيف يأتى الأنثى , قاله السدي. ويحتمل رابعاً: قدر خلقهم في الأرحام , وهداهم الخروج للتمام. ويحتمل خامساً: خلقهم للجزاء , وهداهم للعمل. {والذي أَخْرَجَ المْرعى} يعني النبات , لأن البهائم ترعاه , قال الشاعر:
(وقد يَنْبُتُ المرعى على دِمَنِ الثّرَى ... وتَبْقَى حَزازاتُ النفوسِ كما هِيا)
{فَجَعَلهُ غُثاءً أَحْوَى} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن الغثاء ما يبس من النبات حتى صار هشيماً تذروه الرياح.