(يطرحن كل مُعْجَل نشاجِ ... لم يُكْسَ جلداً في دم أمشاج.)
الثاني: أن الأمشاج الألوان , قاله ابن عباس , وقال مجاهد: نطفة الرجل بيضاء وحمراء , ونطفة المرأة خضراء وصفراء. روى سعيد عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ماء الرجل غليظ أبيض , وماء المرأة رقيق أصفر فأيهما سبق أو علا فمنه يكون الشبه). الثالث: أن الأمشاج: الأطوار , وهو أن الخلق يكون طوراً نطفة , وطوراً علقة , وطوراً مضغة , ثم طوراً عظماً , ثم يكسى العظم لحماً , قاله قتادة. الرابع: أن الأمشاج العروق التي تكون في النطفة , قاله ابن مسعود. وفي قوله {نَبْتَلِيه} وجهان: أحدهما: نختبره. الثاني: نكلفه بالعمل. فإن كان معناه الاختبار ففيما يختبر به وجهان: أحدهما: نختبره بالخير والشر , قاله الكلبي. الثاني: نختبر شكره في السراء , وصبره في الضراء , قاله الحسن. ومن جعل معناه التكليف ففيما كلفه وجهان: أحدهما: العمل بعد الخلق، قاله مقاتل. الثاني: الدين، ليكون مأموراً بالطاعة، ومنهياً عن المعاصي. {فَجَعَلْناه سميعاً بصيراً} ويحتمل وجهين: أحدهما: أي يسمع بالأذنين ويبصر بالعينين أمتناناً بالنعمة عليه. الثاني: ذا عقل وتمييز ليكون أعظم في الامتنان حيث يميزه من جميع الحيوان. وقال الفراء ومقاتل: في الآية تقديم وتأخير أي فجعلناه سميعاً بصيراً أن نبتليه , فعلى هذا التقديم في الكلام اختلفوا في ابتلائه على قولين: أحدهما: ما قدمناه من جعله اختباراً أو تكليفاً.