{عليها تسعةَ عَشَرَ} هؤلاء خزنة جهنم وهم الزبانية , وعددهم هذا الذي ذكره الله تعالى , وروى عامر عن البراء أن رهطاً من اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خزنة جهنم , فأهوى بأصابع كفيه مرتين , فأمسك الإبهام في الثانية , وأخبر الله عنهم بهذا العدد , وكان الاقتصار عليه دون غيره من الأعداد إخباراً عمن وكل بها وهو هذا العدد , وموافقة لما نزل به التوراة والإنجيل من قبل. وقد يلوح لي في الاقتصار على هذا العدد معنى خفي يجوز أن يكون مراداً , وهو أن تسعة عشر عدد يجمع أكثر القليل من العدد وأقل الكثير , لأن العدد آحاد وعشرات ومئون وألوف , والآحاد أقل الأعداد , وأكثر الآحاد تسعة , وما سوى الآحاد كثير وأقل الكثير عشرة , فصارت التسعة عشر عدداً يجمع من الأعداد أكثر قليلها , وأقل كثيرها , فلذلك ما وقع عليها الاقتصار والله أعلم للنزول عن أقل القليل وأكثر الكثير فلم يبق إلا ما وصفت. ويحتمل وجهاً ثانياً: أن يكون الله حفظ جهنم حتى ضبطت وحفظت بمثل ما ضبطت به الأرض وحفظت به من الجبال حتى رست وثبتت , وجبال الأرض التي أرسيت بها واستقرت عليها تسعة عشر جبلاً , وإن شعب فروعها تحفظ جهنم بمثل هذا العدد , لأنها قرار لعُصاة الأرض من الإنس والجن , فحفظت مستقرهم في النار بمثل العدد الذي حفظ مستقرهم في الأرض , وحد الجبل ما أحاطت به أرض تتشعب فيها عروقه ظاهره ولا باطنه , وقد عد قوم جبال الأرض فإذا هي مائة وتسعون جبلاً , واعتبروا انقطاع عروقها رواسي وأوتاداً , فهذان وجهان يحتملهما الاستنباط , والله أعلم بصواب ما استأثر بعلمه. وذكر من يتعاطى العلوم العقلية وجهاً ثالثاً: أن الله تعالى حفظ نظام خلقه ودبر ما قضاه في عباده بتسعة عشر جعلها المدبرات أمراً وهي سبعة كواكب واثنا عشر