والله أنبتكم من الأرض نباتا ثم يعيدكم فيها ويخرجكم إخراجا والله جعل لكم الأرض بساطا لتسلكوا منها سبلا فجاجا} {قال رَبِّ إنّي دَعَوْتُ قَوْمي ليلاً ونهاراً} فيه وجهان: أحدهما: دعوتهم ليعبدوك ليلاً ونهاراً. الثاني: دعوتهم ليلاً ونهاراً إلى عبادتك. {فلم يَزدْهم دُعائي إلاّ فِراراً} يحتمل وجهين: أحدهما: إلا فراراً من طاعتك. الثاني: فراراً من إجابتي إلى عبادتك. قال قتادة: بلغنى أنه كان يذهب الرجل بابنه إلى نوح , فيقول لابنه: احذر هذا لا يغرنك فإن أبي قد ذهب بي غليه وأنا مثلك , فحذرني كما حذرتك. {وإنِّي كلما دَعَوْتُهم لِتَغَفِرَ لهم} يعني كلما دعوتهم إلى الإيمان لتغفر لهم ما تقدم من الشرك. {جعلوا أصابعهم في آذانهم} لئلا يسمعوا دعاءه ليؤيسوه من إجابة ما لم يسمعوه , قال محمد بن إسحاق: كان حليماً صبوراً. {واستغْشَوا ثيابَهم} أي عطوا رؤسهم وتنكروا لئلا يعرفهم. {وأَصَرُّوا} فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أنه إقامتهم على الكفر , قال قتادة: قدماً قدماً في معاصي اللَّه لالتهائهم عن مخافة اللَّه حتى جاءهم أمر اللَّه. الثاني: الإصرار: أن يأتي الذنب عمداً , قاله الحسن. الثالث: معناه أنهم سكتوا على ذنوبهم فلم يستغفروا قاله السدي. {واستكْبَروا استكباراً} فيه وجهان: أحدهما: أن ذلك كفرهم باللَّه وتكذيبهم لنوح , قاله الضحاك. الثاني: أن ذلك تركهم التوبة , قاله ابن عباس , وقوله (استبكارا) تفخيم.