الثالث: أنه يوم القيامة. {ويُدْعَون إلى السجودِ فلا يستطيعون} فمن قال في هذا اليوم إنه يوم القيامة جعل الأمر بهذا السجود على وجه التكليف. ومن جعله في الدنيا فلهم في الأمر بهذا السجود قولان: أحدهما: أنه تكليف. الثاني: تندم وتوبيخ للعجز عنه , وكان ابن بحر يذهب إلى أن هذا الدعاء إلى السجود إنما كان في وقت الاستطاعة , فلم يستطيعوا بعد العجز أن يستدركوا ما تركوا. {فذرْنِي ومَن يُكذّبُ بهذا الحديث} قال السدي: يعني القرآن. ويحتمل آخر أي بيوم القيامة. {سنستدرجهم مِن حيثُ لا يَعْلمون} فيه خمسة أوجه: أحدها: سنأخذهم على غفلة وهم لا يعرفون , قاله السدي. الثاني: نتبع النعمة السيئة وننسيهم التوبة , قاله الحسن. الثالث: نأخذهم من حيث درجوا ودبوا , قاله ابن بحر. الرابع: هو تدريجهم إلى العذاب بإدنائهم منه قليلاً بعد قليل حتى يلاقيهم من حيث لا يعلمون , لأنهم لو علموا وقت أخذهم بالعذاب ما ارتكبوا المعاصي وأيقنوا بآمالهم. الخامس: ما رواه إبراهيم بن حماد , قال الحسن: كم من مستدرج بالإحسان إليه , وكم من مغبون بالثناء عيه , وكم من مغرور بالستر عليه. والاستدراج: النقل من حال إلى حال كالتدرج , ومنه قيل درجة وهي منزلة بعد منزلة.