الخامس: أن من حملك منهم على طلب الدنيا والاستكثار منها كان عدواً لك , قاله سهل. وفي قوله {فاحذروهم} وجهان: أحدهما: فاحذروهم على دينكم؛ قاله ابن زيد. الثاني: على أنفسكم , وهو محتمل. {وإن تعْفُوا وتَصْفَحُوا وتَغْفِرُوا} الآية. يريد بالعفو عن الظالم , وبالصفح عن الجاهل , وبالغفران للمسيء. {فإنّ اللَّه غفورٌ} للذنب {رحيم} بالعباد , وذلك أن من أسلم بمكة ومنعه أهله من الهجرة فهاجر ولم يمتنع قال: لئن رجعت لأفعلنّ بأهلي ولأفعلنّ , ومنهم من قال: لا ينالون مني خيراً أبداً , فلما كان عام الفتح أُمِروا بالعفو والصفح عن أهاليهم , ونزلت هذه الآية فيهم. {إنما أموالكم وأولادكم فتنة} فيه وجهان: أحدهما: بلاء , قاله قتادة. الثاني: محنة , ومنه قول الشاعر:
(لقد فتن الناس في دينهم ... وخلّىّ ابنُ عفان شرّاً طويلاً)
وفي سبب افتتانه بهما وجهان: أحدهما: لأنه يلهو بهما عن آخرته ويتوفر لأجلهما على دنياه. الثاني: لأنه يشح لأجل أولاده فيمنع حق اللَّه من ماله , لذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم: (الولد مبخلة محزنة مجبنة).