{فصدوا عن سبيل الله} فيه وجهان: أحدهما: عن الإسلام بتنفير المسلمين عنه. الثاني: عن الجهاد بتثبيطهم المسلمين وإرجافهم به وتميزهم عنهم , قال عمر بن الخطاب: ما أخاف عليكم رجلين: مؤمناً قد استبان إيمانه وكافر قد استبان كفره , ولكن أخاف عليكم منافقاً يتعوذ بالإيمان ويعمل بغيره. {وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم} يعني حسن منظرهم وتمام خلقهم. {وإن يقولوا تسمع لقولهم} يعني لحسن منطقهم وفصاحة كلامهم. ويحتمل ثانياً: لإظهار الإسلام وذكر موافقتهم. {كأنهم خشب مسندة} فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه شبههم بالنخل القيام لحسن منظرهم. الثاني: [شبههم] بالخشب النخرة لسوء مخبرهم. الثالث: أنه شبههم بالخشب المسندة لأنهم لا يسمعون الهدى ولا يقبلونه , كما لا تسمعه الخشب المسندة , قاله الكلبي , وقوله: {مسندة} لأنهم يستندون إلى الإيمان لحقن دمائهم. {يحسبون كل صيحة عليهم} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنهم لِوَجَلهم وخبثهم يحسبون كل صيحة يسمعونها - حتى لو دعا رجل صاحبه أو صاح بناقته - أن العدو قد اصطلم وأن القتل قد حَلَّ بهم , قاله السدي. الثاني: {يحسبون كل صيحة عليهم} كلام ضميره فيه ولا يفتقر إلى ما بعده , وتقديره: يحسبون كل صيحة عليهم أنهم قد فطن بهم وعلم فقال: {هم العدو فاحذرهم} وهذا معنى قول الضحاك. الثالث: يحسبون كل صيحة يسمعونها في المسجد أنها عليهم , وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر فيها بقتلهم , فهم أبداً وجلون ثم وصفهم الله بأن قال: {هم العدو فاحذرهم} حكاه عبد الرحمن بن أبي حاتم. وفي قوله: {فاحذرهم} وجهان: أحدهما: فاحذر أن تثق بقولهم وتميل إلى كلامهم. الثاني: فاحذر ممايلتهم لأعدائك وتخذيلهم لأصحابك.