فقعد الهدنة بينه وبينهم على هذا إلى أن جاءت منهم امرأة مسلمة وجاؤوا في طلبها , واختلف فيها على أربعة أقاويل: أحدها: أنها أميمة بنت بشر كانت عند ثابت بن الدحداحة , ففرت منه وهو يومئذ كافر , فتزوجها سهل بن حنيف فولدت له عبد الله , قاله يزيد بن أبي حبيب. الثاني: أنها سعيدة زوج صيفي بن الراهب مشرك من أهل مكة , قاله مقاتل. الثالث: أنها أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط , وهذا قول كثير من أهل العلم. الرابع: أنها سبيعة بنت الحارث الأسلمية جاءت مسلمة بعد فراغ النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الهدنة في الحديبية , فجاء زوجها واسمه مسافر وهو من قومها في طلبها , فقال يا محمد شرطت لنا رد النساء , وطين الكتاب لم يجف , وهذه امرأتي فارددها عليّ , حكاه الكلبي. فلما طلب المشركون رد من أسلم من النساء منع الله من ردهن بعد امتحان إيمانهن بقوله تعالى: {فإن علمتموهن مؤمنات فلا ترجعوهن إلى الكفار} واختلف أهل العلم هل دخل النساء في عقد الهدنة لفظاً أو عموماً: فقالت طائفة منهم قد كان شرط ردهن في عقد الهدنة لفظاً صريحاً , فنسخ الله ردهن من العقد ومنع منه , وأبقاه في الرجال على ما كان , وهذا يدل على أن للنبي صلى الله عليه وسلم أن يجتهد برأيه في الأحكام ولكن لا يقره الله تعالى على خطأ. وقالت طائفة من أهل العلم: لم يشترط ردهن في العقد لفظاً وإنما أطلق العقد في رد من أسلم , فكان ظاهر العموم اشتماله عليهن مع الرجال , فبين الله خروجهن عن العموم , وفرق بينهن وبين الرجال لأمرين: أحدهما: أنهن ذوات فروج يحرمن عليهم. الثاني: أنهن أرأف قلوباً وأسرع تقلباً منهم. فأما المقيمة على شركها فمردودة عليهم , وقد كانت من أرادت منهن إضرار زوجها قالت سأهاجر إلى محمد فلذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بامتحانهن. واختلف فيما كان يمتحنهن به على ثلاثة أقويل: أحدها: ما رواه ابن عباس أنه كان يمتحنها بأن تحلف بالله أنها ما خرجت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015