والتأويل الثاني: وهو قول قتادة، أنه مصدر من قولك قرأت الشيء، إذا جمعته وضممت بعضه إلى بعض، لأنه آي مجموعة، مأخوذ من قولهم: ما قرأت هذه الناقة سلى قط، أي لم ينضم رحمها على ولد، كما قال عمرو بن كلثوم:
(تريك إذا دخلت على خلاء ... وقد أمنت عيون الكاشحينا)
(ذراعي عيطل أدماء بكر ... هجان اللون لم تقرأ جنبينا)
أي لم تضم رحما على ولد، ولذلك سمي قرء العدوة قرءاً لاجتماع دم الحيض في الرحم.
فأما تسيمته بالفرقان، فلأن الله عز وجل فرق بين الحق والباطل، وهو قول الجماعة، لأن أصل الفرقان هو الفرق بين شيئين.
وأمَّا تسميته بالكتاب، فلأنه مصدر من قولك كتبت كتابا، والكتاب هو خط الكاتب حروف المعجم مجموعة ومتفرقة، وسمي كتاباً وإن كان مكتوباً، كما قال الشاعر:
(تؤمل رجعة مني وفيها ... كتاب مثل ما لصق الغراء)
يعني مكتوبا، والكتابة مأخوذة من الجمع من قولهم: كتبت السقاء، إذا جمعته بالخرز قال الشاعر:
(لا تأمنن فزاريا خلوت به ... على قلوصك واكتبها بأسياد)
وأما تسميته بالذكر، ففيه تأويلان:
أحدهما: أنه ذكر من الله تعالى ذكر به عباده، وعرفهم فيه فرائضه وحدوده.
والثاني: أنه ذكر وشرف وفخر لمن آمن به، وصدق بما جاء فيه، كما قال تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} يعني أن شرف له ولقومه.