الرابع: لا لغو في الجنة ولا كذب , وهذا مروي عن ابن عباس أيضاً. واللغو ها هنا فحش الكلام كما قال ذو الرمة:
(فلا الفحش فيه يرهبون ولا الخنا ... عليهم ولكن هيبة هي ما هيا)
(بمستحكم جزل المروءة مؤمن ... من القوم لا يهوى الكلام اللواغيا)
{وَيَطُوفُ عَلَيْهُمْ غِلُمَانٌ لَّهُمْ} ذكر ابن بحر فيه وجهين: أحدهما: ان يكون الأطفال من أولادهم الذين سبقوهم , فأقَرَّ الله بهم أعينهم. الثاني: أنهم من أخدمهم الله إياهم من أولاد غيرهم. {كَأَنَّهُمْ لُؤْلُؤٌ مَّكْنُونٌ} أي مصون بالكن والغطاء , ومنه قول الشاعر:
(قد كنت أعطيهم مالاً وأمنعهم ... عرضي , وودهم في الصدر مكنون)
قال قتادة: بلغني أنه قيل يا رسول الله هذا الخدم مثل اللؤلؤ المكنون فكيف المخدوم؟ قال: (والذي نفسي بيده لفضل ما بينهم , كفضل القمر ليلة البدر على النجوم). {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} يحتمل وجهين: أحدهما: بالجنة والنعيم. الثاني: بالتوفيق والهداية. {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه عذاب النار , قاله ابن زيد. وقال الأصم: السموم اسم من أسماء جهنم. الثاني: أنه وهج جهنم , وهو معنى قول ابن جريج. الثالث: لفح الشمس والحر , وقد يستعمل في لفح البرد , كما قال الراجز:
(اليوم يوم بارد سمومه ... من جزع اليوم فلا نلومه)
{إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ} فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: أن البر الصادق، قاله ابن جريج. الثاني: اللطيف، قاله ابن عباس.