وقال عطاء: ما من أحد من الأنبياء إلا وقد يقوم معه قوم إلا لوط فإنه يقوم وحده. {وَأَصَحَابُ الأَيْكَةِ} والأيكة الغيضة ذات الشجر الملتف كما قال أبو داود الإيادي:
(كأن عرين أيكته تلاقى ... بها جمعان من نبط وروم)
قال قتادة: وكان عامة شجرها الدوم , وكان رسولهم شعيباً , وأرسل إليهم , وإلى أهل مدين , أرسل إلى أمتين من الناس , وعذبتا بعذابين , أما أهل مدين فأخذتهم الصيحة , وأما أصحاب الأيكة فكانوا أهل شجر متكاوس. {وَقَوْمُ تُبَّعٍ} وتبع كان رجلاً من ملوك العرب من حِمير , سُمّي تبعاً لكثرة من تبعه. قال وهب: إن تبعاً أسلم وكفر قومه , فلذلك ذكر قومه , ولم يذكر تبع. قال قتادة وهو الذي حير الحيرة وفتح سمرقند حتى أخربها , وكان يكتب إذا كتب: بسم الله الذي تَسمَّى وملك براً وبحراً وضحى وريحاً. {كُلٌّ كَذَّبَ الرَّسَلَ فَحَقَّ وَعِيدِ} يعني أن كل هؤلاء كذبوا من أرسل إليهم , فحق عليهم وعيد الله وعذابه. فذكر الله قصص هؤلاء لهذه الأمة , ليعلم المكذبون منهم بالنبي صلى الله عليه وسلم أنهم كغيرهم من مكذبي الرسل إن أقاموا على التكذيب فلم يأمنوا , حتى أرشد الله منهم من أرشد وتبعهم رغباً ورهباً من تبع. قوله عز وجل: {أَفَعِيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ بَلْ هَمْ فِي لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ} أما اللبس فهو اكتساب الشك , ومنه قول الخنساء:
(صدق مقالته واحذر عداوته ... والبس عليه بشك مثل ما لبسا)
والخلق الجديد هو إعادة خلق ثان بعد الخلق الأول. وفي معنى الكلام تأويلان: أحدهما: أفعجزنا عن إهلاك الخلق الأول , يعني من تقدم ذكره حين كذبوا رسلي مع قوتهم , حتى تشكوا في إهلاكنا لكم مع ضعفكم إن كذبتم , فيكون هذا خارجاً منه مخرج الوعيد.