والأرض والله بصير بما تعملون} قوله عز وجل: {قَالَتِ الأَعْرَابُءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ وَلَكِن قُولُواْ أَسْلَمْنَا ... } فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنهم أقروا ولم يعملوا , فالإسلام قول والإيمان عمل , قاله الزهري. الثاني: أنهم أرادوا أن يتسموا باسم الهجرة قبل أن يهاجروا فأعلمهم أن اسمهم أعراب , قاله ابن عباس. الثالث: أنهم مَنُّوا على رسول الله صلى الله بإسلامهم فقالوا أسلمنا , لم نقاتلك , فقال الله تعالى لنبيه: قل لهم: لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا خوف السيف , قاله قتادة. لأناهم آمنوا بألسنتهم دون قلوبهم , فلم يكونوا مؤمنين , وتركوا القتال فصاروا مستسلمين لا مسلمين , فيكون مأخوذاً من الاستسلام لا من الإسلام كما قال الشاعر:
(طال النهار على من لا لقاح له ... إلا الهدية أو ترك بإسلام)
ويكون الإسلام والإيمان في حكم الدين على هذا التأويل واحداً وهو مذهب الفقهاء , لأن كل واحد منهما تصديق وعمل. وإنما يختلفان من وجهين: أحدهما: من أصل الاسمين لأن الإيمان مشتق من الأمن , والإسلام مشتق من السلم. الثاني: أن الإسلام علم لدين محمد صلى الله عليه وسلم والإيمان لجميع الأديان , ولذلك امتنع اليهود والنصارى أن يتسموا بالمسلمين , ولم يمتنعوا أن يتسموا بالمؤمنين. قال الفراء: ونزلت هذه الآية في أعراب بني أسد. قوله عز وجل: { ... لاَ يَلِتْكُم مِّنْ أَعْمَالِكُمْ شَيئاً} فيه وجهان: أحدهما: لا يمنعكم من ثواب عملكم شيئاً , قال رؤبة: