الثاني: من الحوت الذي عارضهم , حكاه ابن عيسى , فقالوا عند ذلك: فينا مذنب لا ننجو إلا بإلقائه , فاقترعوا فخرجت القرعة على يونس فألقوه , وهو معنى قوله تعالى: {فساهَم} أي قارع بالسهام , قاله ابن عباس والسدي. {فكان من المدحضين} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: من المقروعين , قاله ابن عباس ومجاهد. الثاني: من المغلوبين , قاله سعيد بن جبير , ومنه قول أبي قيس:
(قتلنا المدحضين بكل فج ... فقد قرت بقتلهم العيون)
الثالث: أنه الباطل الحجة , قاله السدي مأخوذ من دحض الحجة وهو بطلانها فلما ألقوه في البحر آمنوا. قوله عز وجل: {فالتقمه الحوت وهُو مليم} قال ابن عباس: أوحى الله تعالى إلى سمكة يقال لها اللخم من البحر الأخضر أن شقي البحار حتى تأخذي يونس , وليس يونس لك رزقاً , ولكن جعلت بطنك له سجناً , فلا تخدشي له جلداً ولا تكسري له عظماً , فالتقمه الحوت حين ألقي. وفي قوله: {وهو مليم} ثلاثة تأويلات: أحدها: أي مسيء مذنب , قاله ابن عباس. الثاني: يلوم نفسه على ما صنع , وهو معنى قول قتادة. الثالث: يلام على ما صنع , قاله الكلبي. والفرق بين الملوم والمليم أن المليم اذا أتى بما يلام عليه , والملوم إذا ليم عليه. {فلولا أنه كان مِن المسبحين} فيه أربعة أوجه: أحدها: من القائلين لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين , قاله الحسن. الثاني: من المصلين قاله ابن عباس. الثالث: من العابدين , قاله وهب بن منبه.