لا يتعدى لفظه , وإنما يتعدى معناه , ولذلك سمي قوم بالرحيم , ولم يتَسَمَّ أحدٌ بالرحمن , وكانت الجاهليةُ تُسمِّي اللهَ تعالى به وعليه بيت الشنفرى , ثم إن مسيلمة الكذاب تسمَّى بالرحمن , واقتطعه من أسماء الله تعالى , قال عطاء: فلذلك قرنه الله تعالى بالرحيم , لأن أحداً لم يتسمَّ بالرحمن الرحيم ليفصل اسمه عن اسم غيره , فيكون الفرق في المبالغة , وفرَّق أبو عبيدة بينهما , فقال بأن الرحمن ذو الرحمة , والرحيم الراحم. واختلفوا في اشتقاق الرحمن والرحيم على قولين: أحدهما: أنهما مشتقان من رحمة واحدةٍ , جُعِل لفظ الرحمن أشدَّ مبالغة من الرحيم. والقول الثاني: أنهما مشتقان من رحمتين , والرحمة التي اشتق منها الرحمن , غير الرحمة التي اشتق منها الرحيم , ليصح امتياز الاسمين , وتغاير الصفتين , ومن قال بهذا القول اختلفوا في الرحمتين على ثلاثة أقوال: أحدها: أن الرحمن مشتق من رحمة الله لجميع خلقه , والرحيم مشتق من رحمة الله لأهل طاعته. والقول الثاني: أن الرحمن مشتق من رحمة الله تعالى لأهل الدنيا والآخرة , والرحيم مشتق من رحمتِهِ لأهل الدنيا دُون الآخرة. والقول الثالث: أن الرحمن مشتق من الرحمة التي يختص الله تعالى بها دون عباده , والرحيم مشتق من الرحمة التي يوجد في العباد مثلُها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015