{وتُكلِّمنا أيديهم وتشهدُ أرجلهم بما كانوا يكسبون} وفي كلامها ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه يظهر منها سِمة تقوم [مقام] كلامها كما قال الشاعر:

(وقد قالت العينان سمعاً وطاعة ... وحَدَّرنا كالدر لما يثَقّبِ)

الثاني: أن الموكلين بها يشهدون عليها. الثالث: أن الله تعالى يخلق فيها ما يتهيأ معه الكلام منها. روى الشعبي عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يقال لأركانه انطقي فتنطق بعمله ثم يخلى بينه وبين الكلام فيقول: بُعداً لكنَّ وسحقاً فعنكن كنت أناضل). فإن قيل فلم قال {وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم} فجعل ما كان من اليد. كلاماً , وما كان من الرجل شهادة؟ قيل لأن اليد مباشرة لعمله والرجل حاضرة , وقول الحاضر على غيره شهادة , وقول الفاعل على نفسه إقرار , فلذلك عبّر عما صدر من الأيدي بالقول , وعما صدر من الأرجل بالشهادة. وقد روى شريح بن عبيد عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه فخذه من الرجل اليسرى). فاحتمل أن يكون تقدم الفخذ بالكلام على سائر الأعضاء لأن لذة معاصيه يدركها بحواسه التي في الشطر الأعلى من جسده، وأقرب أعضاء الشطر الأسفل منها الفخذ، فجاز لقربه منها أن يتقدم في الشهادة عليها، وتقدمت اليسرى لأن الشهوة في

طور بواسطة نورين ميديا © 2015