الثاني: إن مثلكم من البشر لا يجوز أن يكونوا رسلاً. {وَمَآ أَنزَلَ الرَّحْمنُ مِن شَيْءٍ} يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون ذلك منهم إنكاراً للرحمن أن يكون إلهاً مرسلاً. الثاني: أن يكون ذلك إنكاراً أن يكونوا للرحمن رسلاً. {إنْ أَنتُمْ إِلاَّ تُكْذِبُونَ} يحتمل وجهين: أحدهما: تكذبون في أن لنا إلهاً. الثاني: تكذبون في أن تكونوا رسلاً. قوله عز وجل: {قَالُواْ رَبُّنَا يَعْلَمُ إنَّا إلَيْكُمْ لَمُرْسَلُونَ} فإن قيل يعلم الله تعالى أنهم لا تكون حجة عند الكفار لهم. قيل يحتمل قولهم ذلك وجهين: أحدهما: معناه ربنا يعلم إنا إليكم لمرسلون بما يظهره لنا من المعجزات , وقد قيل إنهم أحيوا ميتاً وأبرؤوا زمِناً. الثاني: أن تمكين ربنا لنا إنما هو لعلمه بصدقنا. واختلف أهل العلم فيهم على قولين: أحدهما: أنهم كانوا رسلاً من الله تعالى إليهم. الثاني: أنهم كانوا رسل عيسى عليه السلام من جملة الحواريين أرسلهم إليهم فجاز , لأنهم رسل رسول الله , أن يكونوا رسلاً لله , قاله ابن جريج. {وَمَا عَلَيْنَآ إلاَّ الْبَلاَغُ الْمُبِينُ} يعني بالإعجاز الدال على صحة الرسالة أن الذي على الرسل إبلاغ الرسالة وليس عليهم الإجابة , وإنما الإجابة على المدعوين دون الداعين.