قوله: {مُنِيبِينَ إِلَيْهِ} فيه أربعة تأويلات: أحدها: مقبلين إليه , قاله يحيى بن سلام والفراء. الثاني: داعين إليه , قاله عبيد بن يعلى. الثالث: مطيعين له , قاله عبد الرحمن بن زيد. الرابع: تائبين إليه من الذنوب , ومنه قول أبي قيس بن الأسلت:
(فإن تابوا فإن بني سليم ... وقومهم هوازن قد أنابوا)
وفي أصل الإنابة قولان: أحدهما: أن أصله القطع ومنه أخذ اسم الناب لأنه قاطع فكأن الإنابة هي الانقطاع إلى الله عز وجل بالطاعة. الثاني: أن أصله الرجوع مأخوذ من ناب ينوب إذا رجع مرة بعد مرة ومنه النوبة لأنها الرجوع إلى عادة. قوله تعالى: {مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ} أي أوقعوا فيه الاختلاف حتى صاروا فرقاً وقرىء {فَارَقُواْ دِينَهُم} أي تركوه وقد قرأ بذلك علي رضي الله عنه وهي قراءة حمزة والكسائي وفيهم أربعة أقاويل: أحدها: أنهم اليهود , قاله قتادة. الثاني: أنهم اليهود والنصارى , قاله معمر. الثالث: أنهم الخوارج من هذه الأمة , وهذا قول أبي هريرة ورواه أبو أمامة مرفوعاً. الرابع: أنهم أصحاب الأهواء والبدع , روته عائشة مرفوعاً.