العالمين يا موسى إنه أنا الله العزيز الحكيم وألق عصاك فلما رآها تهتز كأنها جان ولى مدبرا ولم يعقب يا موسى لا تخف إني لا يخاف لدي المرسلون} قوله تعالى: {إِنِّيءَانَسْتُ نَاراً} فيه وجهان: أحدهما: رأيت ناراً , قاله أبو عبيدة ومنه سمي الإنساء إنساً لأنهم مرئيون. الثاني: أحسست ناراً , قاله قتادة , والإيناس: الإحساس من جهة يؤنس بها. {سَئَاتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ} فيه وجهان: أحدهما: سأخبركم عنها بعلم , قاله ابن شجرة. الثاني: بخبر الطريق , لأنه قد كان ضل الطريق , قاله ابن عباس. {أَوْ ءاتِيكُم بِشهَابٍ قَبَسٍ} والشهاب الشعاع المضي , ومنه قيل للكوكب الذي يمر ضوؤه في السماء شهاب، قال الشاعر:
(في كفِّهِ صعدة مثقفة ... فيها سنان كشعلة القبسِ)
والقبس هو القطعة من النار , ومنه اقتبست النارَ، أخذت منها قطعة , واقتبست منه علماً إذا أخذت منه علماً , لأنك تستضيء به كما تستضيء بالنار. {لَّعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ} أي لكي تصطلون من البرد، قال قتادة: وكان شتاء. قوله تعالى {فَلَمَّا جَاءَهَا} يعني ظن أنها نار , وهي نور , قال وهب بن منبه: فلما رأى موسى وقف قريباً منها فرآها تخرج من فرع شجرة خضراء شديدة الخضرة يقال لها العليق، لا تزداد النار إلا تضرماً وعظماً , ولا تزداد الشجرة إلا خضرة وحسناً , فعجب منها ودنا وأهوى إليها بضغث في يده ليقتبس منها , فمالت إليه فخافها