أحدها: أنه المالح , وهو قول عطاء , وقيل: هو أملح المالح. الثاني: أنه المر , وهو قول قتادة. والثالث: أنه الحار المؤجج , مأخوذ من تأجج النار , وهو قول ابن بحر. {وََجَعلَ بَيْنَهُمَا بَرْزَخاً} فيه ثلاثة أقويل: أحدها: حاجز من البر , وهو قول الحسن , ومجاهد. الثاني: أن البرزخ: التخوم , وهو قول قتادة. والثالث: أنه الأجل ما بين الدنيا والآخرة , وهو قول الضحاك. {وَحِجْراً مَّحْجُوراً} أي مانعاً لا يختلط العذب بالمالح , ومنه قول الشاعر:
(فَرُبّ في سُرادقٍ محجورِ ... سرت إليه من أعالي السور)
محجور أي ممنوع. وتأول بعض المتعمقين في غوامض المعاني أن مرج البحرين قلوب الأبرار مضيئة بالبر , وهو العذب , وقلوب الفجار مظلمة بالفجور وهو الملح الأجاج , وهو بعيد. قوله عز وجل: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَراً} يعني من النطفة إنساناً. {فَجَعَلَهُ نَسَباً وَصِهْراً} فالنسب مِن تناسُب كل والد وولد , وكل شيء أضفته إلى شيء عرفته به فهو مناسِبُهُ. وفي الصهر وجهان: أحدهما: أنه الرضاع وهو قول طاووس. الثاني: أنه المناكح وهو معنى قول قتادة , وقال الكلبي: النسب من لا يحل نكاحه من القرابة , والصهر من يحل نكاحه من القرابة وغير القرابة. وأصل الصهر الاختلاط , فسميت المناكح صهراً لاختلاط الناس بها , ومنه قوله تعالى: {يُصْهَرُ بِهِ مَا فِي بُطُوِهِم} [الحج: 20] وقيل إن أصل الصهر الملاصقة.