مبذولاً، فإن كان محروزاً دونهم لم يكن لهم هتك حرزه. ولا يجوز أن يتجاوزوا الأكل إلى الادخار، ولا إلى ما ليس بمأكول وإن كان غير محروز عنهم إلا بإذن منهم ثم قال: {أَوْ مَا مَلَكْتُم مَّفَاتِحَهُ} فيه ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه عَنَى به وكيل الرجل وَقيِّمه في ضيعته يجوز له أن يأكل مما يقوم عليه من ثمار ضيعته , قاله ابن عباس. الثاني: أنه أراد منزل الرجل نفسه يأكل مما ادخره , قاله قتادة. الثالث: أنه عنى به أكل السيد من منزل عبده وماله لأن مال العبد لسيده , حكاه ابن عيسى. {أَوْ صَدِيقِكُمْ} فيه قولان: أحدهما: أنه يأكل من بيت صديقه في الوليمة دون غيرها. الثاني: أنه يأكل من منزل صديقه في الوليمة وغيرها إذا كان الطعام حاضراً غير محرز. قال ابن عباس: الصديق أكثر من الوالدين , ألا ترى أن الجهنميين لم يستغيثوا بالآباء ولا الأمهات وإنما قالوا: {فَمَا لَنَا مِن شَافِعِينَ وَلاَ صَدِيقٍ حَمِيمٍ} وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (قَدْ جَعَلَ اللَّهُ فِي الصَّدِيقِ البَارِّ عِوَضَاً عَنِ الرَّحِمِ المَذْمُومَةِ) والمراد بالصديق الأصدقاء وهو واحد يعبر به عن الجميع , قال جرير:
(دعون الهوى ثم ارتمين قلوبنا. ... . بأسهم أعداءٍ وهن صديقُ)
وفي الصديق قولان: أحدهما: أنه الذي صدقك عن مودته. الثاني: أنه الذي يوافق باطنه باطنك كما وافق ظاهره ظاهرك. ثم اختلفوا في نسخ ما تقدم ذكره بعد ثبوت حكمه على قولين: أحدهما: أنه على ثبوته لم ينسخ شيء منه , قاله قتادة.