أحدهما: أنهم النساء يستأذنَّ في هذه الأوقات خاصة ويستأذن الرجال في جميع الأوقات , قاله ابن عمر. الثاني: أنهم العبيد والإِماء. وفي المعنى بالاستئذان ثلاثة أقاويل: أحدها: العبد دون الأمة يستأذن على سيده في هذه الأوقات الثلاثة , قاله ابن عمر , ومجاهد. الثاني: أنها الإِماء لأن العبد يجب أن يستأذن أبداً في هذه الأوقات وغيرها , قاله ابن عباس. الثالث: أنه على عمومه في العبد والأمة , قاله أبو عبد الرحمن السلمي. {وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُواْ الحُلُمَ مِنْكُم} هم الصغار الأحرار فمن كان منهم غير مميز لا يصف ما رأى فليس من أهل الاستئذان ومن كان مميزاً يصف ما رأى ويحكي ما شاهد فهو المعني بالاستئذان. {ثَلاَثَ مَرَّاتٍ مِّن قَبْلِ صَلاَةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثَيَابَكُمْ مِّنَ الظَّهِيرَةِ وَمِن بَعْدِ صَلاَةِ الْعِشَآءِ} وهذه الساعات الثلاث هي أوقات الاستئذان من تقدم ذكره ولا يلزمهم الاستئذان في غيرها من الأوقات , فذكر الوقت الأول وهو من قبل صلاة الفجر وهو من بعد الاستيقاظ من النوم إلى صلاة الصبح , ثم ذكر الوقت الثاني فقال: {وَحِينَ تَضَعُونَ} وهو وقت الخلوة لنومة القائلة , ثم ذكر الوقت الثالث فقال: {وَمِن بَعْدِ صَلاَةِ الْعَشَآءِ} يعني الآخرة وقد تسميها العامة العتمة وسميت العشاء لأن ظلام وقتها يعشي البصر. وإنما خص هذه الأوقات الثلاثة لأنها أوقات خلوات الرجل مع أهله ولأنه ربما بدا فيها عند خلوته ما يكره أن يرى من جسده , فقد روي أن عمر بن الخطاب كان في منزله وقت القائلة فأنفذ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بصبي من أولاد الأنصار يقال له مدلج فدخل على عمر بغير إذن وكان نائماً فاستيقظ عمر بسرعة فانكشف شيء من جسده فنظر إليه الغلام فحزن عمر فقال: وددت لو أن الله بفضله نهى أبناءنا عن الدخول علينا في هذه الساعات إلا بإذننا ثم انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوجد هذه الآية قد أنزلت فخرَّ ساجداً [شكراً لله].