ثم قال تعالى: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الإِرْبَة مِنَ الرِّجَالِ} فيه ثمانية أوجه: أحدها: أنه الصغير لأنه لا إرب له في النساء لصغره , وهذا قول ابن زيد. والثاني: أنه العنين لأنه لا إرب له في النساء لعجزه , وهذا قول عكرمة , والشبعي. والثالث: أنه الأبله المعتوه لأنه لا إرب له في النساء لجهالته , وهذا قول سعيد بن جبير , وعطاء. والرابع: أنه المجبوب لفقد إربه , وهذا قول مأثور. والخامس: أنه الشيخ الهرم لذهاب إربه , وهذا قول يزيد بن حبيب. والسادس: أنه الأحمق الذي لا تشتهيه المرأة ولا يغار عليه الرجل , وهذا قول قتادة. والسابع: أنه المستطعم الذي لا يهمه إلا بطنه , وهذا قول مجاهد. والثامن: أنه تابع القوم يخدمهم بطعام بطنه , فهو مصروف لا لشهوة , وهو قول الحسن. وفيما أخذت منه الإربة قولان: أحدها: أنها مأخوذة من العقل من قولهم رجل أريب إذا كان عاقلاً. والثاني: أنها مأخوذة من الأرب وهو الحاجة , قاله قطرب. ثم أقول: إن الصغير والكبير والمجبوب من هذه التأويلات المذكورة في وجوب ستر الزينة الباطنة منهم , وإباحة ما ظهر منها معهم كغيرهم , فأما الصغير فإن لم يظهر على عورات النساء ولم يميز من أحوالهن شيئاً فلا عورة للمرأة معه. [فإِن كان مميزاً غير بالغ] لزم أن تستر المرأة منه ما بين سرتها وركبتها وفي لزوم ستر ما عداه وجهان: أحدهما: لا يلزم لأن القلم غير جار عليه والتكليف له غير لازم. والثاني: يلزم كالرجل لأنه قد يشتهي ويشتهى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015