الثاني: قدرنا فيها الحدود من قوله تعالى: {فنصف ما فرضتم} [البقرة: 237] أي قدرتم , قاله عكرمة. ومن قرأ بالتشديد ففي تأويله وجهان: أحدهما: معناه تكثير ما فرض فيها من الحلال والحرام , قاله ابن عيسى. الثاني: معناه بيناها , قاله ابن عباس. {وَأَنزَلْنَا فِيهآءَايَاتٍ بَيِّناتٍ} فيه وجهان: أحدهما: أنها الحجج الدالة على توحيده ووجوب طاعته. الثاني: أنها الحدود والأحكام التي شرعها. قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُواْ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ} وإنما قدم ذكر الزانية على الزاني لأمرين: أحدهما: أن الزنى منها أعَرُّ , وهو لأجل الحَبَل أضر. الثاني: أن الشهوة فيها أكثر وعليها أغلب , وقدر الحد فيه بمائة جلدة من الحرية والبكارة , وهو أكثر حدود الجلد , لأن فعل الزنى أغلظ من القذف بالزنى , وزادت السنة على الجلد بتغريب عام بعده , لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خُذُواْ عَنِّي قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً , البِكْرُ بِالبِكْرِ جَلْدُ مَائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ) ومنع العراقيون من التغريب اقتصاراً على الجلد وحده , وفيه دفع السنة والأثر. والجلد مأخوذ من وصول الضرب إلى الجلد. فأما المحصنان فحدهما الرجم بالسنة إما بياناً لقوله تعالى في سورة النساء: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً} [النساء: 15] على قول فريق: وإما ابتداء فرض على قول آخرين. وروى زر بن حبيش عن أُبَيٍّ أن في مصحفه من سورة الأحزاب ذكر الرجم: (إِذَا زَنَى الشَّيخُ وَالشَّيخَةُ فَارْجُمَوهُمَا البَتَّةَ نَكَالاً مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ "