مكتوب: أنا الله ذو بكّة , خلقت الخير والشر , فطوبى لمن قَدَّرْتُ على يديه الخير , وويلٌ لمن قدرت على يديه الشر. وتأول بعض أصحاب الخواطر قوله: {وَطَهِّرْ بَيْتِيَ} يعني القلوب. {لِلطَّآئِفِينَ} يعني حجاج الله , {وَالْقَآئِمِينَ} يعني الإِيمان , {وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} يعني الخوف والرجاء. قوله عز وجل: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ} يعني أَعْلِمْهُم ونَادِ فيهم بالحق , وفيه قولان: أحدهما: أن هذا القول حكاية عن أمر الله سبحانه لنبيه إبراهيم , فروي أن إبراهيم صعد جبل أبي قبيس فقال: عباد الله إن الله سبحانه وتعالى قد ابتنى بيتاً وأمَرَكُمْ بحجه فَحُجُّوا , فأجابه من في أصلاب الرجال وأرحام النساء: لبيك داعي ربنا لبيك. ولا يحجه إلى يوم القيامة إلا من أجاب دعوة إبراهيم , وقيل إن أول من أجابه أهل اليمن , فهم أكثر الناس حجاً له. والثاني: أن هذا أمر من الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس بحج البيت. {يَأْتُوكَ رِجَالاً} يعني مشاة على أقدامهم , والرجال جمع راجل. {وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ} أي جملٍ ضامر , وهو المهزول , وإنما قال {ضَامِرٍ} لأنه ليس يصل إليه إلا وقد صار ضامراً. {يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} أي بعيد , ومنه قول الشاعر:
(تلعب لديهن بالحريق ... مدى نياط بارح عميق)