ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون فلما دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة فأوف لنا الكيل وتصدق علينا إن الله يجزي المتصدقين} قوله عز وجل: { ... اذهبوا فتحسَّسُوا مِن يوسُفَ وأخيه} أي استعملوا وتعرّفوا , ومنه قول عديّ بن زيد:
(فإنْ حَييتَ فلا أحسسك في بلدي ... وإن مرضت فلا تحسِسْك عُوّادِي)
وأصله طلب الشيء بالحس. {ولا تيأسوا من روح الله} فيه تأويلان: أحدهما: من فرج الله , قاله محمد بن إسحاق. والثاني: من رحمة الله , قاله قتادة. وهو مأخوذ من الريح التي بالنفع. وإنما قال يعقوب ذلك لأنه تنّبه على يوسف برد البضاعة واحتباس أخيه وإظهار الكرامة ولما حكي أن يعقوب سأل ملك الموت هل قبضت روح يوسف؟ فقال: لا. قوله عز وجل: {فلمّا دخلوا عليه قالوا يا أيها العزيز مَسّنا وأهلنا الضر} وهذا مِن ألطف ترفيق وأبلغ استعطاف. وفي قصدهم بذلك قولان: أحدهما: بأن يرد أخاهم عليهم , قاله ابن جرير. والثاني: توفية كيلهم والمحاباة لهم , قاله علي بن عيسى. {وجئنا ببضاعةٍ مزجاةٍ} وأصل الإزجاء السَوْق بالدفع , وفيه قول الشاعر عدي بن الرقاع.
(تزجي أغَنّ كأن إبرَة روقِهِ ... قلمٌ أصاب من الدواة مدادها)
وفي بضاعتهم هذه خمسة أقاويل: أحدها: أنها كانت دراهم، قاله ابن عباس.