(أرعى النجوم وما كُلّفتُ رعيتها ... وتارةً أتغشّى فضل أطماري)

وفي المراد ب {حِينَ يَسْتَغْشُونَ ثِيَابَهُمْ} أربعة أقاويل: أحدها: الليل يقصدون فيه إخفاء أسرارهم فيما يثنون صدورهم عليه. والله تعالى لا يخفى عليه ما يسرونه في الليل ولا ما يخفونه في صدروهم , فكنى عن الليل باستغشاء ثيابهم لأنهم يتغطون بظلمته كما يتغطون إذا استغشوا ثيابهم. الثاني: أن قوماً من الكفار كانوا لشدة بغضتهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يستغشون ثيابهم يغطون بها وجوههم ويصمون بها آذنهم حتى لا يروا شخصه ولا يسمعوا كلامه , وهو معنى قول قتادة. الثالث: أن قوماً من المنافقين كانوا يظهرون لرسول الله صلى الله عليه وسلم بألسنتهم أنهم على طاعته ومحبته , وتشتمل قلوبهم على بغضه ومعصيته , فجعل ما تشتمل عليه قلوبهم كالمستغشي بثيابه. الرابع: أن قوماً من المسلمين كانوا يتنسكون بستر أبدانهم ولا يكشفونها تحت السماء , فبين الله تعالى أن المنسك ما اشتملت قلوبهم عليه من معتقد وما أظهروه من قول وعمل. ثم بيَّن ذلك فقال: {يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: ما يسرون في قلوبهم وما يعلنون بأفواههم. الثاني: ما يسرون من الإيمان وما يعلنون من العبادات. الثالث: ما يسرون من عمل الليل وما يعلنون من عمل النهار , قاله ابن عباس. {إنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ} قيل بأسرار الصدور. قال ابن عباس: نزلت هذه الآية في الأخنس بن شريق الثقفي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015