والثاني: أن الأربعة الأشهر أمان أصحاب العهد من كان عهده أكثر منها حط إليها , ومن كان عهده أقل منها إليها , ومن لم يكن له من رسول الله عهد جعل له أمان خمسين ليلة من يوم النحر إلى سلخ المحرم لقوله تعالى {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ فَاقْتُلُواْ الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} قاله ابن عباس والضحاك وقتادة. والثالث: أن الأربعة الأشهر عهد المشركين كافة , المعاهد منهم وغير المعاهد , قاله الزهري ومحمد بن كعب ومجاهد. والرابع: أن الأربعة ألاشهر عهد وأمان لمن لم يكن له من رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد ولا أمان , أما أصحاب العهود فهم على عهودهم إلى انقضاء مددهم , قاله الكلبي. واختلفوا في أول مَدَى الأربعة الأشهر على ثلاثة أقاويل: أحدها: أن أولها يوم يوم الحج الأكبر وهو يوم النحر , وآخرها انقضاء العاشر من شهر ربيع الآخر , قاله محمد بن كعب ومجاهد والسدي. والثاني: أنها شوال وذو القعدة وذو الحجة والمحرم , قاله الزهري. والثالث: أن أولها يوم العشرين من ذي القعدة , وآخرها يوم العشرين من شهر ربيع الأول , لأن الحج في تلك السنة كان في ذلك اليوم ثم صار في السنة الثانية في العشر من ذي الحجة وفيها حجة الوداع , لأجل ما كانوا عليه في الجاهلية من النسىء , فأقره النبي صلى الله عليه وسلم فيه حتى نزل تحريم النسىء وقال: (إِنَّ الزَّمَانَ قَدِ اسْتَدَارَ كَهَيْئَتِهِ يَوْمَ خَلَقَ اللَّهَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ) {وَاعْلَمُواْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ} أي لا تعجزونه هرباً ولا تفوتونه طلباً. {وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الكَافِرِينَ} يحتمل وجهين: أحدهما: بالسيف لمن حارب والجزية لمن استأمن. والثاني: في الآخرة بالنار.