والثاني: إرساله فيهم رحمة لهم ونعمة عليهم فلم يجز أن يعذبهم وهو فيهم حتى يستحقوا سلب النعمة بإخراجه عنهم. {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} فيه خمسة أقاويل: أحدها: وما كان الله ليعذب مشركي أهل مكة وقد بقي فيهم من المسلمين قوم يستغفرون وهذا قول الضحاك وأبي مالك وعطية. والثاني: لا يعذبهم في الدنيا وهم يستغفرون فيها فيقولون: غفرانك. قال ابن عباس: كان المشركون بمكة يطوفون بالبيت ويقولون: لبيك لبيك لا شريك لك , فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: (قَدْ قَدْ) فيقولون: إلا شريكاً هو لك , تملكه وما ملك , ويقولون غفرانك , فأنزل الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} قاله أبو موسى ويزيد بن رومان ومحمد بن قيس. والثالث: أن الاستغفار في هذا الموضع الإسلام , ومعنى الكلام: وما كان الله معذبهم وهم يسلمون , قاله عكرمة ومجاهد. والرابع: وما كان الله معذب من قد سبق له من الله الدخول في الإسلام , قاله ابن عباس. والخامس: معناه أنهم لو استغفروا لم يعذبوا استدعاء لهم إلى الاستغفار , قاله قتادة والسدي وابن زيد. والسادس: وما كان الله معذبهم أي مهلكهم وقد علم أن لهم أولاد وذرية يؤمنون ويستغفرون.