{وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} قوله عز وجل {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ} وذلك أن قريشاً تآمروا في دار الندوة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمرو بن هشام: قيدوه واحبسوه في بيت نتربص به ريب المنون. وقال أبو البختري: أخرجوه عنكم على بعير مطرود تستريحوا منه ومن أذاه لكم. قال أبو جهل: ما هذا برأي ولكن اقتلوه وليجتمع عليه من كل قبيلة رجل فيضربوه بأسيافهم ضربة رجل واحد فترضى حينئذ بنو هاشم بالدية. فأوحى الله عز وجل بذلك إلى نبيه صلى الله عليه وسلم فخرج إلى الغار مع أبي بكر رضي الله عنه ثم هاجر منه إلى المدينة , قاله ابن عباس ومجاهد وقتادة. فهذا بيان قوله تعالى: {وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ} وفيه ثلاثة أقاويل: أحدها: ليثبتوك في الوثاق , قاله ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة. والثاني: ليثبتوك في الحبس , قاله عطاء وعبد الله بن كثير والسدي. والثالث: معنى يثبتوك أي يخرجوك , كما يقال قد أثبته في الحرب إذا أخرجته , قاله بعض المتأخرين. {أَوْ يُخْرِجُوكَ} فيه وجهان: أحدهما: أو يخرجوك من مكة إلى طرف من أطراف الأرض كالنفي. والثاني: أو يخرجوك على بعير مطرود حتى تهلك , أو يأخذك بعض العرب فتقتلك فتريحهم منك , قاله الفراء.