وفي قوله: {فَانسَلَخَ مِنهَا} وجهان: أحدهما: فانسلخ من العلم بها لأنه سيسلب ما أوتي منها بالمعصية. والثاني: أنه انسلخ منها أي من الطاعة بالمعصية مع بقاء علمه بالآيات حتى حكي أن بلعام رُيثي على أن يدعو على قوم موسى بالهلاك فسها فدعا على قومه فهلكوا. {فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطَانُ} فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن الشيطان صيره لنفسه تابعاً بإجابته له حين أغواه. والثاني: أن الشيطان متبع من الإنس على ضلالته من الكفر. والثالث: أن الشيطان لحقه فأغواه , يقال اتبعت القوم إذا لحقتهم , وتبعتهم إذا سرت خلفهم , قاله ابن قتيبة. {فَكَانَ مِنَ الْغَاوِينَ} فيه وجهان: أحدهما: من الهالكين. الثاني: من الضالين. قوله عز وجل: {وَلَو شِئْنَا لَرَفَعْنَاهُ بِهَا} فيه وجهان: أحدهما: يعني لأمتناه فلم يكفر. والثاني: لحلنا بينه وبين الكفر فيصير إلى المنزلة المرفوعة معصوماً , قاله مجاهد. {وَلَكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الأَرْضِ} أي ركن إليها. وفي ركونه إليها وجهان: أحدهما: أنه ركن إلى أهلها في استنزالهم له ومخادعتهم إياه. والثاني: أنه ركن إلى شهوات الأرض فشغلته عن طاعة الله , وقد بين ذلك قوله تعالى {وَاتَّبَعَ هَوَاهُ}. ثم ضرب مثله بالكلب { ... إِن تَحْمِْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} وفي تشبيهه بالكلب اللاهث وجهان: أحدهما: لدناءته ومهانته. الثاني: لأن لهث الكلب ليس بنافع له.