والثامن: هي حروف تحوي معاني كثيرة دل الله تعالى خلقه بها على مراده من كل ذلك. والتاسع: هي حروف اسم الله الأعظم. ويحتمل عندي قولاً عاشراً: أن يكون المراد به: المصير إلى كتاب أنزل إليك من ربك , فحذف باقي الكلمة ترخيماً وعبر عنه بحروف الهجاء لأنها تذهب بالسامع كل مذهب , وللعرب في الاقتصار على الحروف مذهب كما قال الشاعر:
(قلت لها قفي فقالت قاف ... ... ... ... )
أي وقفت. قوله عز وجل {كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ} يعني القرآن. {فَلاَ يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ} وفي الحرج ها هنا ثلاثة أقاويل: أحدها: أنه الضيق , قاله الحسن , وهو أصله. قال الشماخ بن ضرار:
(ولو ردت المعروف عندي رددتها ... لحاجة لا العالي ولا المتحرج)
ويكون معناه: فلا يضيق صدرك خوفاً ألا تقوم بحقه. والثاني: أن الحرج هنا الشك , قاله ابن عباس , ومجاهد , وقتادة , والسدي. قال الراجز:
(آليت لولا حرج يعروني ... ما جئت أغزوك ولا تغزوني)
ومعناه: فلا تشك فيما يلزمك فيه فإنما أنزل إليك لتنذر به. والثالث: فلا يضيق صدرك بأن يكذبوك , قاله الفراء. ثم قال: {لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ} فجعله إنذاراً للكافرين وذكرى للمؤمنين ليعود نفعه على الفريقين.