أحدهما: أنه الإفلاس , ومنه الملق لأنه اجتهاد المفلس في التقريب إلى الغنى طمعاً في تأجيله. والثاني: أن الإملاق ومعناهما قريب وإن كان بينهما فرق , وهذا قول ابن عباس , وقتادة , والسدي , والضحاك , وابن جريج. ثم ذكر فساد اعتقادهم في الإملاق بأن قال: {نَّحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ} لأن رزق العباد كلهم , من كفيل ومكفول , على خالقهم. ثم قال: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ} وفيها أربعة تأويلات: أحدها: أن ذلك عام في جميع الفواحش سرها وعلانيتها , قاله قتادة. والثاني: أنه خاص في الزنى , ما ظهر منها: ذوات الحوانيت , وما بطن: ذوات الاستسرار , قاله ابن عباس , والحسن , والسدي. والثالث: ما ظهر منها: نكاح المحرمات , وما بطن: الزنى , قاله مجاهد , وابن جبير. والرابع: أن ما ظهر منها: الخمر , وما بطن منها: الزنى , قاله الضحاك. وقد ذكرنا فيه احتمال تأويل خامس: أن ما ظهر منها أفعال الجوارح , وما بطن منها اعتقاد القلوب. ثم قال: {وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلاَّ بِالْحَقِّ} والنفوس المحرمة: نفس مسلم , أو معاهد , والحق الذي تقتل به النفس ما بيَّنه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِىءٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: كُفْرٌ بَعْدَ إِيمَانٍ , أَوْزِنًى بَعْدَ إِحْصَانٍ , أَوْ قَتْلُ نَفْسٍ بِغَيْرِ نَفْسٍ). ثم قال: {ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ} يعني أن الله وصى عباده بذلك , ووصية الله واجبة.