بد أن يكون في الآيات ما يتمكن معه المحنة من المعنى. واللَّه أعلم.
وأما قوله عَزَّ وَجَلَّ: (قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ)، قيل: الحق هاهنا هو العذاب، كأنه أمره أن يسأل بإنزال العذاب عليهم.
وقيل: (احْكُمْ بِالْحَقِّ)، أي احكم بحكمك الذي هو الحق.
فإذا كان ما ذكر محتملا، دل أنه ليس على ما ذهب إليه أُولَئِكَ. واللَّه أعلم.
وقوله تعالى: (رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا).
قيل: " الإصر "، هو العهد، ويقول: لا تحمل علينا عهدا تعذبنا بتركه ونقضه كما حملته على الذين من قبلنا. وكان من قبلهم إذا خُطِّئُوا خطيئة حرم اللَّه عليهم على نحوها مما أحل لهم الطيبات، كقوله تعالى: (فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ) وكأصحاب الأخدود، وغيرهم. فخاف المسلمون ذلك فقالوا: (رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا)، في جرم أجرمناه فتحرم علينا الطيبات.
وأصل " الإصر "، الثقل والتشديد الذي كان عليهم من نحو ما كان توبتهم الأمر بقتل بعضهم بعضا، كقوله تعالى: (فَتُوبُوا إِلَى بَارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ).
وقوله تعالى: (رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ)
يحتمل وجهين:
يحتمل: أن (وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) من القتل والهلاك، إذ في ذلك إفناؤهم، وفي الفناء ذهاب طاقتهم.
قال الشيخ - رحمه اللَّه تعالى -: أي مما نشتغل عما أمرتنا، فيكون كالدعاء بالعصمة. واللَّه أعلم.
ويحتمل: أن يراد به طاقة الفعل، وهي لا تتقدم عندنا الفعل. واللَّه أعلم.
وقوله تعالى: (وَاعْفُ عَنَّا)
قيل: اتركنا على ما نحن عليه، ولا تعذبنا.
وقوله تعالى: (وَاغْفِرْ لَنَا).
أي: استر لنا. و " الغفر "، هو الستر؛ ولذلك يسمى المغفر " مغفرًا "؛ لأنه يستر. وستر