والغرامة نوع من العقوبات، فإذا استويا في سقوط الغرامة -وإن كان أحدهما ظالمًا- كيف لا استويا أيضًا في هذا؟ وما الذي يوجب التفرقة بينهما؟

ثم نقول لهذا المخالف لنا: إن الباغي المقيم يمسح يومًا وليلة، وإذا سافر لم يرخص له المسح. وهو في الحضر رخصة كهي في السفر. فما باله حرم إحدى الرخصتين على إباحة الأخرى مع وجود الظلم والبغي؛ فقال: لأن الضرورة طريق التناول فيه رخصة، لا ترخص الظالم، إذ هو تخفيف.

والأصل في المسألة أن الباغي على أهل الإسلام لا يأتمر بأحكام أهل الإسلام؛ إذ لو ائتمر أمر بالكف عن بغيه. وإذا لم يأتمر في ذا، لاشك أنه لا يأتمر في الثاني، ولا يؤمر بما فيه العبث، ولا يزجره التحريم عن التناول، إذ على العلم بحرمة البغي بغى ما اشتهت نفسه، فكيف ينتهي للحرمة فيما اضطرت إليه نفسه؟ ولم يملك الغلبة عليها في شهوتها إيثارًا لها، كذلك إنظارًا لها للكف لا معنى لإحداث الحرمة عليه ببغيه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015