التسمية ممن لا يحتمل طوقه إلا بها؛ لكن على ما يقرب إلى الأفهام المراد في التفوه به.

وقال قوم: (اللَّهُ) هو المعبود في لسان العرب لا على الاستحقاق، لكن على وضع ذلك كذلك؛ دليله تسميتهم كل من عبدوه وكل شيء عبدوه: إلها، وإن كان جميع ما سوى إله الحق ممن عبد لا يحتمل شيئا من تلك المعاني التي زعم من ادعى الاشتقاق عنها من الاحتجاب، أو الالتجاء إليه، ونحو ذلك؛ فثبت أنه اسم موضوع للمعبود.

وعلى ذلك قوله - تعالى -: (أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ)، أي: معبوده ما يهواه، لا أن للهوى شيئا من ذلك؛ فيكون المعبود الحق هو اللَّه - تعالى - لما له في كل شيء أثر عبودة ذلك الشيء ودلالة الربوبية له عليه سبحانه فهو المعبود بذاته، بمعنى المستحق بذاته العبادة من جميع خلقه والاستسلام له والخضوع بما ذكرت من الموضوع في كل آية ذلك، ولا قوة إلا باللَّه، وهذا تحقيق ما ذهبنا إليه أنه خالق بذاته؛ رحمن رحيم بذاته، موصوف به في الأزل، وإن كان الذي وصل إليه أثر رحمته وفيه ظهور دلالة تدبيره حدث بعد أن لم يكن على ما كانت العبادة والاستحقاق كان ممن حدث وفيمن كان بعد أن لم يكن، وهو إله لِيم يزل ولا يزال.

وعلى ذلك قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ)، و (رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ)، وإن كان من الأشياء ما سيكون، لا أنها كانت كائنة، وكذلك يوم الدِّين؛ فعلى ذلك أمر " خالق "، ونحو ذلك؛ ومن هذا الوجه أنكر قوم أن يكون الإله اسم معبود في الحقيقة، أو اسما مشتقا عن لسان؛ إذ هو لم يزل إلها، ومن به العبادة أو عنه الاشتقاق حادث.

والأصل عندنا: ما ذكرنا: أنه بجميع ما وصف به وصف بذاته؛ إذ لا يحتمل التغير والاستحالة، ولا نيل مدح بغير ممدح، وإنما يمدح به لذاته: لأنه استحق من كلٍّ ذلك لوقت كون ذلك، وعلى ذلك القول بـ " العالم " و " القادر ": أنه كذلك، وإن كان الذي علمه ممن سواه وكل مقدور عليه حادث بعد أن لم يكن، ولا قوة إلا باللَّه.

وقال الضحاك: اللَّه اسمه الأكبر؛ لأنه يبتدأ به في كل موضع.

ثم اختلف في معنى الاشتقاق:

فمنهم من يقول: أصله: إله، من أَله الرجل إلى آخر، أي: التجأ إليه واستجاره؛ فآلهه، بمعنى: أجاره وآمنه؛ فسمي: إلها على وزن الفعال؛ كما يسمى: إماما؛ لما يؤتم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015