ودفع وجوه القوم عنه، وذلك قوله: (إِلَّا مُكَاءً وَتَصْدِيَةً).
ويحتمل أن يكون كناية عن الخضوع والتذلل؛ فيكون معناه: ويل للذين لا يخضعون ولا يخشعون.
وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) يحتمل وجهين:
أحدهما: أي: سهوا عن صلاتهم لأنفسهم، وصلاتهم التي هي لأنفسهم هي أن تكون الصلاة لله - تعالى - ويجعلوها له، ولا يصلوا لغير اللَّه من الأصنام وغيرها؛ لأن من صلى لله - تعالى - يرجع منفعتها في الحقيقة إليه؛ لما تعلق بها من الجزاء الجميل، فهم بالسهو عن تلك الصلاة وتركها يلحقون الضرر بأنفسهم ويجعلونها للأصنام التي لا تضر ولا تنفع.
والثاني: سهوهم عن الصلاة حين أضاعوها، وهو ما ذكر في حرف ابن مسعود - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في قوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ. . .)؛ فيقول: سهيتم عن الصلاة فلم تمنعهم عما ذكر.
وعن ابن عَبَّاسٍ - رضي اللَّه عنهما - مرفوعا: " هم الذين يؤخرونها عن وقتها ".
وقال مجاهد: الساهي: الذي لا يبالي صلى أم لا؟ ألا ترى أنه قال: (الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ).
وقال الحسن: هم المنافقون، يؤخرونها عن وقتها، ويراءون إذا صلوا.
وقال سعد: الترك عن الوقت.
وقال أبو العالية: الساهي: هو الذي لا يدري على شفع انصرف أو على وتر؟
وروي عن عطاء بن يسار، أنه قال: الحمد لله حيث لم يقل: " في صلاتهم ساهون "، ولكنه قال: (عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ).