وقيل: إن العرب كانت تغير بعضهم على بعض، ويسبي بعضهم بعضا، وأهل مكة كانوا آمنين في حرم اللَّه - تعالى - كقوله - تعالى -: (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ)، فذكر عظيم نعمه عليهم ومننه؛ ليعلموا ذلك أنه منه.
وأصله أن اللَّه - تعالى - لما كان من حكمته وإرادته جعل الرسالة في قريش وإبقاؤها إلى الوقت الذي أراد أن يبقى، جعل لهم من الأمن في ذلك المكان والأرزاق التي تجبى إليهم، وما يتعيشون به في ذلك؛ ليبقوا إلى الوقت الذي أراد بقاءهم إليه؛ فيكون ما أراد على ما أراد، فكما أنشأ هذا العالم للبقاء إلى الوقت الذي أراد أن يبقوا فيه جعل لهم من الأرزاق ما يبقون إلى الوقت الذي أراد؛ ليكون ما أراد؛ فعلى ذلك الأول.
قَالَ الْقُتَبِيُّ: الإيلاف: مصدر آلفت فلانا إيلافا؛ كما تقول: ألزمته إلزاما.
وقال الكسائي: آلفت المكان، وألفته؛ لغتان.
وعن ابن عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -: (لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ)، أي: كصنع قريش (إِيلَافِهِمْ)، أي: صنيعهم، (رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ. فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ (4) السنين الذي أصابهم، (وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) العدو، واللَّه أعلم.
* * *