(2)

(3)

(4)

أو يكون فيه وجه ثالث: إنما تفاخروا بما لا صنع لهم فيه؛ لأنهم: إنما افتخروا بالأموال والأولاد، وذلك من لطف اللَّه - تعالى - وجميل صنعه؛ فيكون في هذا كله ذكرهم بما فيهم من السفه والخرق.

ثم التعيير بذكر هذه الأسباب إنما وقع - واللَّه أعلم - دون ما هم فيه من الكفر؛ لأن هذه الأسباب مما يبتلى به المؤمن في بعض الأحوال؛ فعيرهم اللَّه - تعالى - بذلك؛ ليكون فيه تذكير وموعظة للمؤمنين، ولو خرج ذكر الكفار في هذا، لكان لا يجتنب المؤمن شيئا من هذه الأفعال.

وقد روي أن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قرأ: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ)، فقال: " يقول ابن آدم: مالي، مالي، وما لك من مالك إلا ما أكلت فأفنيت. . . " الخبر؛ فهذا يدل على أن الوعيد على الإطلاق من غير تصريح بأهل الكفر؛ لموعظة المسلمين، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (حَتَّى زُرْتُمُ الْمَقَابِرَ (2) يحتمل: حقيقة زيارة الموتى، وذلك مما يذكرهم أن التكاثر مما لا ينفعهم إذا كان عاقبتهم هذا.

ويحتمل: أي: صرتم إلى المقابر بعد الموت؛ فحينئذ تذكرون حق اللَّه - تعالى - ثم لا ينفعكم، واللَّه أعلم.

وقوله - عَزَّ وَجَلَّ -: (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (3) ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ (4) قَالَ بَعْضُهُمْ: كَلَّا، بمعنى: النفي، والتعطيل.

وقَالَ بَعْضُهُمْ: معنى قوله: (كَلَّا)، أي: حقا.

فإن كان على الوجه الأول، فكأنه قال: ليس كما حسبتم، وتوهمتم، وقدرتم عند أنفسكم وتعلمون ذلك إذا نزل بكم العذاب، وهو على الابتداء.

وإن كان على معنى: حقا، فكأنه قال: حقا ستعلمون أنه ليس كما قدرتم عند أنفسكم، وكل ذلك يرجع إلى الوجوه التي وصفنا أنكم ستعلمون غدا حقا يقينا: أن الذي ألهاكم، وشغلكم عن توحيد اللَّه تعالى والتفكر في حجج رسول اللَّه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - والإيمان بالبعث كان عبثا باطلاً، وأنه كان من الواجب عليكم: أن تؤمنوا باللَّه ورسوله،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015